التعليم التعاونى ومثال واقعى فى انجلترا
- إن التعليم من وجهة النظر التلقينية والتي تعتمد علي الحفظ والذاكرة في فهم ومعرفة المادة العلمية, لم تعد وسيلة فعالة في تربية النشء, وإنما هي وسيلة تقليدية, لا تصلح لكي نربي عليها الأجيال القادمة, لكي تكون مبدعة, وإنما هناك أساليب تفاعلية قادرة علي بناء جيل مبدع ومبتكر وهذا ما نطمح له في ظل تحديات كبيرة في الألفية الثالثة.
- مثال واقعى على التعليم التعاونى
في مدرسة إبتدائية بمدينة ليدز, بإنجلترا عام1994.
كان يدرس التلاميد في احدي المواد الدراسية موضوعا عن مصر الفرعونية,
والرؤية التقليدية لتدريس هذا الموضوع:
هو النقاش اللغوي حول تاريخ مصر:
1- ما هي أهم الآثار المصرية؟
2- ما هي عادات وتقاليد الفراعنة؟
3- وما أهم المعالم السياحية في مصر؟
4- ما هي أهمية نهر النيل لمصر؟
ثم علي كل طالب أن يكتب خلاصة هذا النقاش في موضوع إنشائي.
- اعتمد المعلم في منهج العمل مع التلاميد علي فلسفة مجموعات النقاش, سواء كان ذلك في اطار المجموعة الكبيرة أو المجموعات الصغيرة, حيث إن هذه الفلسفة فعالة وجيدة في تبادل الآراء, والتعرف علي وجهات النظر المغايرة, مما يساعد ذلك علي خلق رؤي ابتكارية, وأيضا تحث علي العمل التعاوني والجماعي, مما تشيع معه روح الألفة في العمل.
- قام المدرس بتوضيح الهدف العام أو المشكلة الأساسية لمجموعة الاطفال الكبيرة
وكان نتيجة النقاش تساؤل مهم, وهو كيف نصل الي معلومات عن مصر الفرعونية؟
- قام مدرس الفصل بتقسيم المجموعة الكبيرة الي مجموعات عمل صغيرة, لكي تبحث هذا الأمر؟.
وبالفعل تمت المناقشة بين المجموعات الصغيرة.
والمدرس يتنقل بين مجموعة وأخري, يناقش ويساعد ويعلق ويوجه.
- وكانت النتيجة كالتالي:
1- الذهاب الي المكتبة واستعارة الكتب الخاصة بمصر الفرعونية.
2- وإحضار شريط فيديو عن مصر الفرعونية.3- وكذلك الذهاب الي متحف مدينة ليدز فهناك بعض الصور والتوابيت عن مصر الفرعونية.
4- وعمل الأطفال في اتجاهات مختلفة لجمع المعلومات, وبأسلوب المشاركة زادت الناحية المعرفية لدي الأطفال.
- حيث تعرفوا علي حقائق لم يدركوها من قبل مثل:
- إن اللغة الهيروغليفية لغة يكتب عن طريق الصور.
- وأن العالم الفرنسي شامبليون هو الذي عرف وفك رموز اللغة الهيروغليفية التي كانت موجودة علي حجر رشيد, وكان ذلك فتحا في المعرفة.
بل والكثير من ذلك امتدت المشاركة الي إعجاب البعض بصورة توضح تتويج ملك في بهو قصر.
- وهنا أخذ المدرس يطلب من الأطفال أشياء مختلفة: أن يتأملوا الصورة ويحاولوا أن يعبروا عنها بالحركة, وقام الأطفال برسم أهرامات, توابيت ذات ألوان ذهبية, الزراعة علي النيل..
ويكتبون جملا باللغة الهيروغليفية, وكتب الأطفال لافتات كبيرة. ويقومون بتنفيذ بعض الاكسسوارات الفرعونية بالورق والقماش, وعمل الأطفال بعض التيجان, وأحزمة, وأقنعة.
- بعد ذلك قام الأطفال مع المدرس بوضع كل هذه الأشياء في الفصل والذي تحول بدوره الي متحف فرعوني صغير, فكر فيه الأطفال وناقشوه وجسدوه واقعا حيا, تحولت الأفكار الي حقائق ملموسة ومشاهدة في جنبات الفصل, إن ذلك يجعل المادة التعليمية متكاملة مع عناصر أخري مما يكسبها قوة ومعني لدي المشارك والمتلقي معا.
- من خلال منهج المشاركة تعرف الأطفال علي الموضوع المراد دراسته عن قرب, وأيضا لإيجاد أبعاد جديدة, وطرق غير معروفة لمناقشتها, وتحليلها حتي يمكن الوصول الي حل مشكلة أو وضع تصور, إن هذه العلاقة الجدلية, تولد الأفكار وتولد الابتكار.
ومن هنا فإن العملية التعليمية في اطار هذا المنظور, تعمل علي اذكاء قدرات ومواهب الممارسين والمشاركين في الحدث بالمشاركة اللغوية والجسدية والتخيلية والعملية, وهذا يحقق مبدأ مهما في التربية وهو التعليم عن طريق العمل. وهذا عنصر ايجابي في تطوير المنهج التربوي للأطفال من الاتجاه التلقيني الي المفهوم الحديث للتربية. حيث تساهم في بناء شخصية الطفل العقلية والوجدانية والصحية.... لكي تحقق له النماء الشامل, والذي يجعله قادرا علي مواجهة المواقف الحياتية في بيئته المنزلية, والمدرسية, بأسلوب أخلاقي علمي سوي, لأننا في حاجة الي تشكيل الإنسان الجديد الذي سنعهد له بدوره الفعال في مرحلة العبور المستقبلي.
- ان هذا التغيير التعليمي سوف يحدث تغييرا اجتماعيا في جوهر المجتمع, ومن ثم فإن مفهوما جديدا سوف ينمو في عالم تربية الطفل, ويحقق التطور والرقي لهذا الوطن العزيز.
منقول وتم الاستعانة بالصور للتوضيح